المؤسسة العسكرية الباكستانية تواجه تحديات عدة في الخارج والداخل
تواجه المؤسسة العسكرية الباكستانية تحديات عدة في الخارج والداخل. في الخارج، تبرز المواجهات المتواصلة بشكل يومي مع القوات الأفغانية على الحدود، آخرها يومي السبت والأحد الماضيين، ما أدى إلى مقتل جندي باكستاني وإصابة سبعة، في مواجهات نشبت نتيجة جدل على منطقة على الحدود بين الدولتين.
ويرى مراقبون أن الموقف الصارم لحركة “طالبان” في كابول حيال باكستان، خاصة في موضوع الحدود، وتوقعات ومطالب إسلام أباد “المبالغ فيها”، والتي رُفضت بمجملها من قبل كابول، في ظل تصاعد كبير للعمليات المسلحة لـ”طالبان الباكستانية” التي تتخذ من المناطق الأفغانية مقراً لها، كما تقول السلطات الباكستانية، عقدت الأمور أكثر.
أما في الداخل الباكستاني، فينتظر أن يتجمع أنصار رئيس الحكومة السابق عمران خان في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في مدينة روالبندي القريبة من العاصمة إسلام أباد، بالتزامن مع وصول المسيرة الكبرى التي انطلقت في 28 الشهر الماضي، بعد توقفها إثر محاولة اغتيال عمران خان في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وكان خان دعا أنصاره للوصول إلى مدينة روالبندي، ليعلن المرحلة الجديدة من الحراك، والتي قد تتضمن إغلاق العاصمة والاعتصام فيها، لإرغام الحكومة على إعلان موعد انتخابات مبكرة.
صراع مستمر بين “الإنصاف” والمؤسسة العسكرية
ويرى مراقبون أن الحراك الاحتجاجي يأتي في إطار الصراع المستمر بين حزب “الإنصاف”، بزعامة عمران خان، والمؤسسة العسكرية، والذي لم يعد أمراً خفياً بعد أن وجه كل طرف انتقادات علنية للآخر. يأتي هذا الأمر، بالتزامن مع صراع خان مع الحكومة بشأن تعيين قائد جديد للجيش الباكستاني، حيث تنتهي فترة قائد الجيش الحالي الجنرال قمر جاويد باجوه نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
ويقول المولوي فضل الرحمن، زعيم “التحالف من أجل الديمقراطية” الذي يقود الحكومة الحالية والزعيم الديني المقرب من المؤسسة العسكرية، في مؤتمر صحافي في مدينة سكهر بإقليم السند الجنوبي أول من أمس الإثنين، إن “كل الحراك الذي يقوم به عمران خان يهدف إلى الضغط على المؤسسة العسكرية والحكومة، كي يتم تعيين قائد جيش جديد، كما يحلو لخان، وليس كما يجب أن يكون في صالح الشعب والمؤسسات كافة”.
لكن فضل الرحمن يعتبر أن “الحكومة تمكنت من احتواء هذا الأمر، وستتمكن (من القيام بهذا الأمر) في المستقبل أيضاً. من هنا، علينا التوجه للاهتمام بمشاكل البلاد وليس ما يريده عمران خان وحزبه”.
ويقول وزير الدفاع الباكستاني خواجه محمد آصف، في تصريح للصحافيين في إسلام أباد الإثنين الماضي، إن المشاورات بشأن تعيين قائد جديد للجيش تتواصل، معتبراً أن تحركات عمران خان لن تعرقل هذا الأمر، الذي قد يتم الانتهاء منه قريباً جداً. ويضيف: “هناك قوانين تؤكد أن الأمر يعود إلى رئيس الوزراء، الذي يعين قائداً للجيش من بين عدد من الجنرالات”.
خشية من عرقلة الرئيس لتعيين قائد للجيش
لكن ثمة خشية حكومية من أن يعرقل الرئيس عارف علوي (وهو من حزب عمران خان) تعيين قائد جديد للجيش، وهو ما أعرب عنه وزير الخارجية بلاول بوتو في تصريح في 18 نوفمبر الحالي، إذ إن الدستور يجبر رئيس الحكومة على استشارة الرئيس، الذي قد يعرقل هذا الأمر، خصوصاً إذا كان المرشح لقيادة الجيش لا يتلاءم مع رغبة حزب “الإنصاف”. إلا أن بلاول وجه، في المقابل، تحذيراً قوياً لحزب خان والرئيس من “نتائج وخيمة” إذا قام بهذا الأمر، من دون توضيح هذا الأمر.
وبغض النظر عن قضية شخصية قائد الجيش الجديد، إلا أنه بات واضحاً أن المؤسسة العسكرية دخلت في الصراع السياسي الحالي، لا سيما أن عمران خان سمى أحد أبرز جنرالات الاستخبارات العسكرية الجنرال فيصل نصير كمتهم في محاولة اغتياله.
من هنا لو أقنعت المؤسسة العسكرية الحكومة بإعلان موعد انتخابات مبكرة، فإن حزب خان، الذي يمتلك شعبية واسعة بعد ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة وتراكم الديون، قد يحصل على الغالبية البرلمانية.
وسيشكل هذا الأمر تحدياً آخر للمؤسسة العسكرية، لأن خان يعلن جهاراً أن من أجندته إبعاد المؤسسة العسكرية تماماً عن السياسة، ومنعها من التدخل في السياسة الداخلية أو الخارجية، مع ضبط ميزانيتها من أجل القضاء على الديون، وهذا الأمر يرفضه الجيش بقوة.