قصة مطعم باكستاني في الأردن
مع أن تعداد الجالية الباكستانية يزيد عن 15 ألفاً وتواجدهم في الأردن يعود إلى ستينات القرن الماضي، وبعضهم لم يغادر البلاد من ذلك الحين، إلا أنه من الصعب أن تعثر على ما يمثلهم ثقافيًا داخل العاصمة عمّان، وهذا واحد من الأسباب التي دفعت الباكستاني مختار جي إلى تأسيس مطعم يقدم المأكولات الباكستانية والجنوب آسيوية، ليجمع أبناء الجالية الباكستانية في مكان واحد، وإن كان تواجدهم في العاصمة عمّان محدودًا.
من يعرف أزقة وسط البلد جيدًا وشارع «الشابسوغ» بالتحديد قد يعرف المطعم وإن كان حديثًا نوعًا ما، إلا أنك تستطيع أن تلحظ وجوده في المنطقة، التي يتجمع فيها عادةً مغتربون آسيويون بسبب وجود أكثر من مطعم آسيوي هناك.
مختار هو من الجيل الأوّل من أبناء الجالية الباكستانية الذين قدموا إلى الأردن نهاية ستينات القرن الماضي. جاءت عائلته إلى الأردن عام 1969 بعد أن استقر والده هنا خلال رحلة العودة من الحج في السعودية عن طريق البر .
يتحدث مختار ، الذي ولد في الأردن عام 1971، لغتين، العربية والأردية (أو الأوردو) . لم يزر باكستان قط لكنه تعلّم اللغة من البيت، وكبقية العائلة تعلّم الزراعة وامتهنها حتى وقت قريب.
استقرت عائلة مختار في الأغوار بهدف العمل في القطاع الزراعي، وهي مهنة العائلة منذ كانت في باكستان. وكانت الأغوار في تلك الفترة تشهد فترة استصلاح للأراضي بعد إنشاء قناة الملك عبدالله المؤسس في منتصف ستينات القرن الماضي.
ويعمل الباكستانيون في قطاع الزراعة على شكل عائلات وعادةً يقيمون في نفس المزرعة التي يعملون فيها، وهو ما ساعدهم في حصول على ثقة أصحاب الأراضي لاستئجار الأراضي بشكل سنوي أو ما يسمى بـ «تضمين الأراضي» مما مكّنهم من الاستقرار بشكل كبير في تلك المناطق إلى الآن، بحسب مانجي.
درس مختار حتى الصف الرابع الابتدائي فقط، تزوج من باكستانية وبقي في الأغوار حتى بداية عام 2000 عندما بدأ العمل بالسفارة الباكستانية كموظف خدمات. وسرعان ما لاحظ عدم وجود مكان خاص بالباكستانيين في عمّان، وهو ما دفعه للتفكير بفتح المطعم مع زميل له بالسفارة.
افتتح المطعم الأوّل له في العام 2007، وكان في منطقة سحاب بالعاصمة عمّان، قبل أن ينقله المطعم إلى منطقة الشابسوغ في وسط البلد، لكنّه اضطر لإغلاقه بعد عام لتعثّره.
مطعمه الأول لم ينجح لأسباب مختلفة، منها أن الأشخاص الذين يعرفون الأكل الباكستاني أو الأكل الهندي في عمّان كانوا قلائل.
بعد تعثر المطعم عاد مختار للعمل في السفارة الباكستانية في عمّان لبضعة أعوام، لكنه سرعان ما عاد إلى حلمه القديم بإنشاء مطعم، ولم يبتعد هذه المرة عن المكان الأوّل الذي اختاره في وسط البلد.
يقدم المطعم عددًا من أطباق الأرز التي تشتهر فيها دول جنوب آسيا، مثل البرياني الذي يمتاز بكثرة الفلفل الحار والبهارات والكاري، إضافة إلى عدد من الأطباق الباكستانية مثل الجلي كباب والحليم، وأنواع الخبز المختلفة مثل الروتي والكولجه والجباتي.
تصبح الأردو هي اللغة الرسمية، عرفيًا، بالمطعم فور تواجد أكثر من شخصين قادرين على حديثها، لكن الباكستانيين ليسوا الزوار الوحيدين. بعض الأردنيين في رمضان يتواجدون في المحل ساعة الإفطار، بعضهم يعمل في المحلات القريبة في وسط البلد،
أن أحد التحديات التي تواجهه في إدارة المطعم هي العثور على طاقم للعمل، خصوصًا مع توقّف الاستقدام من الباكستان منذ الثمانينات.
كما يواجه المطعم بعض الصعوبات في تأمين بعض أنواع البهارات الخاصة بالأكل، مما يضطر محتار إلى استيرادها من الخارج لأهميتها في الأكل الهندي بشكل عام والباكستاني بشكل خاص.
يأمل مختار أن يستمر المطعم بالعمل وأن يستطيع توسعته واستقدام طباخين يساعدون بالحفاظ على الأكل الباكستاني في الأردن خلال الفترة المقبلة، لأن الموضوع بالنسبة له يتعلق بالحفاظ على الموروث الثقافي لمجتمع موجود في الأردن منذ ستينات القرن الماضي وحتى الآن.