من بين الركام..غزة تنير ليالي رمضان وتُحيي الأمل في قلوب الصائمين
من قلب الركام، تنطلق غزة في رمضان بروح التحدي والإصرار ورغم الدمار والآلام، تُعيد الحياة إلى شوارعها وتُضيء لياليها بزينة الأمل، مؤكدة أن إرادة الحياة أقوى من كل حرب.
في أول رمضان بعد الحرب المدمرة، تستقبل غزة الشهر الكريم بروح التحدي رغم حجم الدمار الهائل، فقدان الأحباب، والمعاناة المستمرة. ورغم أن عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين والجرحى تركوا غصة في القلوب، فإن أهل غزة أبوا إلا أن يحيوا هذا الشهر الفضيل بما يليق بقداسته، متمسكين بالأمل في ظل الدمار والآلام.
حملة “غزة أجمل في رمضان”
لم ينتظر سكان القطاع أحدًا لإعادة الحياة إلى مدنهم المدمرة، فمع اقتراب رمضان، أطلقوا حملة “غزة أجمل برمضان” بمشاركة البلديات، الفرق التطوعية، ومؤسسات المجتمع المدني. الحملة تهدف إلى إزالة الركام، تنظيف الشوارع، ترميم بعض المرافق، وتزيين ما تبقى من المنازل والمساحات العامة بالفوانيس والزينة الرمضانية.
في مشهد يُجسد الإصرار على الحياة، علقت الزينة حتى داخل الخيام التي تأوي الأسر النازحة، لتضيء ليالي رمضان رغم الدمار.
وللمرة الأولى منذ الحرب، عادت أصوات صلاة التراويح تصدح في شوارع غزة، حيث امتلأت المصليات المؤقتة والمساجد المتضررة بالمصلين في مشهد إيماني مؤثر.
ففي العام الماضي، حُرم الغزيون من أجواء رمضان بعد تدمير معظم المساجد، أما اليوم، فقد أعادوا بناء إيمانهم على أنقاض مدنهم، وأقاموا الصلاة في المساجد المهدمة أو المصليات التي أقيمت وسط الدمار.
أول وأكبر سحور جماعي بين الأنقاض
في لفتة تعكس روح التكافل الاجتماعي، أقيم أول وأكبر سحور جماعي في قطاع غزة داخل أحد الأحياء المدمرة غرب خانيونس، بمبادرة من الحملة الأردنية، التي أعدت وجبات السحور وأدخلت الفرح في قلوب الأطفال وسط أجواء أخوية.
ومع دخول الشهر الفضيل، نشطت الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية في توزيع الطرود الغذائية ووجبات الإفطار على العائلات التي فقدت منازلها ومصادر رزقها.
وتكثفت الجهود المحلية والدولية لتوفير المياه، المواد الغذائية الأساسية، والاحتياجات اليومية للمتضررين، تأكيدًا على أن التكافل هو مفتاح الصمود في غزة.
وفي بيان صادر عن وزارة الداخلية والأمن الوطني، أكدت أنها، رغم الظروف الصعبة، ستعمل على تنظيم الأسواق، فتح الطرق، وتخفيف الازدحامات لضمان أجواء آمنة خلال رمضان.
كما دعت المواطنين إلى التكاتف والتراحم، مؤكدةً أن الأجهزة الشرطية والأمنية ستواصل جهودها لضمان استقرار الأوضاع وتسهيل حياة الناس خلال الشهر الكريم.
رغم الجراح.. غزة تصر على الحياة
برغم الألم والحزن الساكن في كل بيت، فإن رمضان في غزة هذا العام جاء ليؤكد إصرار أهلها على الحياة والصمود.
لقد تحول القطاع إلى لوحة تُجسد معاني الصبر والإيمان، حيث اجتمع الناس رغم الدمار، أقاموا الصلوات وسط الأنقاض، وتشاركوا الطعام داخل الخيام.
إنه رمضان المقاومة والتحدي، حيث يضيء الأمل في قلوب الفلسطينيين رغم كل المآسي.