هل تستطيع إيران وباكستان تحقيق الاستقرار في أفغانستان؟
“البحث عن الاستقرار في أفغانستان.. هل تستطيع إيران وباكستان إدارة إمارة طالبان؟” بهذا العنوان استهل خبير إستراتيجي مقاله في مجلة فورين أفيرز، مشيرا إلى أن الإنسحاب الأميركي من أفغانستان الصيف الماضي أزعج العديد من الدول المجاورة التي اعتادت على قيام الولايات المتحدة بالأعباء الثقيلة في المنطقة.
وألمح كامران بخاري -وهو اختصاصي الأمن القومي والسياسة الخارجية في معهد التطوير المهني بجامعة أوتاوا- إلى أنه مع وجود حركة طالبان في كابل من المرجح أن تتوسع الشبكات المسلحة، وقد ينتشر انعدام الأمن عبر حدود أفغانستان، وقال إن هذا الاحتمال يظل مدعاة للقلق في نحو 12 دولة.
وأضاف أن أكبر جارتين لأفغانستان (إيران وباكستان) هما الدولتان اللتان تتمتعان بأكبر قدر من النفوذ في البلاد والأكثر عرضة للخطر، حيث إن حدودهما الطويلة معها، إلى جانب الروابط التاريخية والعرقية واللغوية والثقافية سمحت لهما بلعب أدوار مهمة في الشؤون الداخلية لأفغانستان.
وأضاف الكاتب أن أيًا من دول آسيا الوسطى الثلاث المجاورة أو الصين التي تقع أيضا على الحدود غير الساحلية مع أفغانستان لا تتمتع بنفس المستوى من النفوذ في البلاد.
وتعتمد الصين على كل من إيران وباكستان في إدارة أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان، وتعتمد دول الخليج العربي على باكستان أيضًا لضمان خدمة مصالحها في البلاد.
وعلق بخاري بأنه عقب رحيل الولايات المتحدة ستكون إيران وباكستان المتنافستين الرئيسيتين في تشكيل مستقبل أفغانستان التي تديرها طالبان.
ولفت بخاري إلى أن نهاية الحقبة الطويلة من التدخلات المباشرة للقوى العظمى في أفغانستان تركت فراغا خطيرا، وأنه على الرغم من خلافاتهما العديدة تسعى كل من إيران وباكستان إلى الإستقرار والأمن في بلد كان في حالة حرب منذ جيلين، وغالبًا ما تباعدت مصالحهما أو دخلت في صراع مباشر في أفغانستان، لكنهما الآن ستضطران إلى التعاون بطرق لم يسبق لهما القيام بها في الماضي.
وأشار إلى أن أفغانستان تمثل بوابة رئيسية لإيران وباكستان إلى آسيا الوسطى، ولا سيما من حيث طرق الطاقة والتجارة، وهما حريصتان على الإستفادة من جهود الإتصال الإقليمي للصين من خلال برنامج البنية التحتية الواسع “مبادرة الحزام والطريق”.
كما أن لباكستان مصلحة مشتركة في استقرار أفغانستان، وهذا الاستقرار قد يصبح أكثر احتمالية إذا نسقت مع إيران وتعاونتا أكثر مما تتنافسان عليه في أفغانستان، وتدرك إيران وباكستان أنه يجب أن تتعاونا في إدارة الوضع الأمني بأفغانستان، ويشير تشكيل حكومة طالبان المؤقتة إلى درجة من التنسيق بين البلدين.
وقال بخاري إنه على الرغم من محاولات التعاون هذه لا تسعى إيران وباكستان إلا أن تكونا حذرتين من بعضهما البعض، إذ إن طهران قلقة من علاقات إسلام آباد الوثيقة مع السعودية والإمارات، وتخشى أن يستغل السعوديون والإماراتيون هذه العلاقات لخلق مشاكل لإيران.
واختتم الكاتب مقاله بأنه سيكون لإيران وباكستان التأثير الأكبر على أي نتيجة تظهر في أفغانستان التي تديرها طالبان، وستعتمد القوى العظمى مثل الصين وروسيا على علاقاتها الثنائية مع طهران وإسلام آباد، لمحاولة التأكد من أن حالة عدم اليقين في أفغانستان لا تزعج خططها الإستراتيجية لوسط وجنوب آسيا.
وبافتراض أن أفغانستان ستحقق في نهاية المطاف بعض مظاهر الاستقرار فإن إيران وباكستان ستسعيان إلى الاستفادة من نفوذهما، لتعزيز مصالحهما الاقتصادية في البلاد وفي المنطقة، ولكن في المستقبل المنظور ستكافح كل منهما للتأكد من أن هذا البلد الذي كان يعيش حالة من الفوضى الجيوسياسية بينهما لا يقوض أمنهما القومي.