ما هو السبب وراء زيارة عبد الله بن زايد و عادل الجبير لباكستان؟
الزيارة التي قام بها وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد و وزير الدولة للشؤون الخارجية للمملكة العربية السعودية عادل الجبير لباكستان قبل أيام، و التي إلتقيا خلالها بكبار القادة السياسيين والعسكريين الباكستانيين، لم تكن نصرت للقضية الكشميرية كما كان ظاهراً للعيان.
مجملة قصة هذه الزيارة، أن الأصدقاء العرب لباكستان أرادوا أن يوضحوا للقيادة الباكستانية أن كشمير نزاع بين باكستان والهند، و ينبغي ألا تكون مشكلة الأمة الإسلامية.
وزراء الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي و وزير العلوم و التكنولوجيا فؤاد تشودري كانوا يحاولون على مدى الأيام الماضية شرح موقف هذه الدول الخليجية إزاء قضية كشمير للباكستانيين، إذ أنهما فهما ذلك من خلال الإتصالات الرفيعة المستوى التي قامت بها باكستان عقب قيام الهند بإلغاء الحكم الذاتي في الشطر الخاضع تحت سيطرتها من كشمير، كما أن حكومة رئيس الوزراء عمران خان لم تتفاعل بشكل سيء مع الأخبار، ولم تشعر بالحاجة إلى إنكارها.
بعد منح الإمارات أعلى وسام مدني لديها لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، كان من المهم أن يأتي وزير الخارجية الإماراتي إلى باكستان مع نظيره السعودي بطريقة ما، و السبب هو أولا إستياء الرأي العام الباكستاني من تكريم الإمارات لمودي، و ثانيا رغبة الإمارات في التوضيح لباكستان أن تكريمها لمودي لا يعني عداؤها لباكستان، أما السبب الثالث هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني و قرب الإعلان عن صفقة القرن برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أن موقف الحكام العرب تغير من القضية الكشميرية كما تغير من القضية الفلسطينية.
بالنسبة للسبب الأول فقد قام وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي باستقطاب الرأي العام حول موقف شيوخ الإمارات حول القضية الكشميرية و باكستان، أما بالنسبة لقضية عدم الخصومة أو العداء مع باكستان فهذه ضرورة إماراتية من جهة، و من جهة أخرى الإمارات مكرهة على ذلك، و هذا جزء من المبدأ الدبلوماسي القائل بأنك إذا لم تتمكن من هزيمة خصومك، تصبح شريكًا لهم.
فمهما بلغ عدم الرضا الإماراتي من الممر الإقتصادي الباكستاني الصيني و ميناء جوادر، إلا أن الحقيقة هي أن الصين لن تتراجع عن مشاريعها الإقتصادية و لن تسمح بفشل هذه المشاريع.
تخشى الإمارات من هذين المشروعين، لكنها تدرك أيضًا أنها ليست في وضع يسمح لها بوقفهما، لذلك تتمسك بالمبدأ الدبلوماسي السالف ذكره، و ليست دولة الإمارات العربية المتحدة في وضع يسمح لها بجعل باكستان عدوًا، لكن المصالح مرتبطة أيضًا بالهند، لذلك فقد أوضحت لباكستان أن العلاقات والتعاون سوف يتم الحفاظ عليهما في جميع الأمور غير كشمير.
مرافقة عادل الجبير لعبدالله بن زايد في زيارة باكستان، أتت من باب الوساطة بين أبوظبي و إسلام آباد، حيث أن التحالف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في حرب اليمن تحولت إلى عداء، لكن السعودية تدعم الإمارات على أمل أن تتخلى الأخيرة عن رعاية المجلس الانفصالي في جنوب اليمن.
سيتم الكشف عن خطة السلام الفلسطينية الإسرائيلية بعد فترة وجيزة من نتائج انتخابات 17 سبتمبر في إسرائيل، و استقالة الممثل الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جاسون غرينبلات لن تكون عائقًا أمام خطة السلام التي يشرف عليها ترامب، بل هي إشارة إلى أن عمله قد تم.
و ستطرح إسرائيل أيضًا مسألة الاعتراف بها بعد حل محتمل للنزاع الفلسطيني، لهذا بدأت المناقشات بالفعل في المملكة العربية السعودية وباكستان بهذا الصدد، و في السعودية قدم صحفيون بارزون و مؤيدون للحكومة السعودية حججاً للاعتراف بالكيان الإسرائيلي، ما نتج عنه إستقطاب كبير للرأي العام السعودي.
و تعتبر التغريدة التي غرد بها الصحفي والمذيع الرائد في باكستان، كامران خان، وتوقيت هذه التغريدة عاملاً حاسماً في إقامة العلاقات مع إسرائيل، حيث يرى خان أن باكستان و على مدى عقود عارضت إقامة أي نوع من العلاقات مع إسرائيل رغم رغبة الأخيرة بعلاقات و لو في الخفاء، و هذا الموقف الباكستاني مبني على مواقف أصدقائها العرب الذين غيروا من موقفهم الآن و باتوا أقرب من إسرائيل من أي وقت مضى، بل و جعلوا من عدو باكستان مودي أخاً لهم، و بناء عليه ينبغي لباكستان أيضا إعادة النظر في مبادئها الدبلوماسية بما يفيد المصالح الباكستانية، و الملفت أن تغريدة خان جاءت بعد يوم من لقائه برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
النقاش حول العلاقات الإسرائيلية مع باكستان ليس بالأمر الجديد، ففي عام 2012 ، أجرى الرئيس الباكستان السابق الجنرال برويز مشرف مقابلة مع صحيفة إسرائيلية وقال “إننا ندعم قضية فلسطين، لكنني أؤمن بمراجعة الحقيقة الواقعية والمعطيات على الأرض، ومنذ ذلك الحين حدث الكثير والسياسات كانت دائماً ليست هي نفسها، العديد من الدول العربية لها علاقات مفتوحة أو سرية مع إسرائيل؛ إسرائيل حقيقة لا جدال فيها و باكستان عليها أن تغير موقفها من إسرائيل.
برويز مشرف عكس التفكير الموجود في المؤسسة، الآن هناك نقاش مرة أخرى، لذلك شارك شاه محمود قريشي وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها القدرة على اتخاذ القرارات بما يحقق مصالحها مضيفا أن العلاقات الدولية تفوق الدين.
كما غرد فؤاد تشودري في إحدى تغريداته بأن قدوم أصدقائنا العرب لباكستان كانت بسبب تغير المصالح الإستراتيجية في الشرق الأوسط و مسألة الإعتراف بإسرائيل تشمل هذه المصالح الإستراتيجية.