لأول مرة.. السعودية تتخلى عن سياسة “النفوذ والقوة” وتُعيد تقييم جدوى سياسة “الإنفاق الدبلوماسي” والتحالفات الخارجية

0 850

تقلّص المملكة السعودية انفاقها الدبلوماسي من باكستان إلى لبنان، في ابتعاد عن سياسة تقليدية كان هدفها تعزيز النفوذ السياسي لكنّها لم تحقق سوى القليل من المكاسب الملموسة، بحسب ما يرى مراقبون.

فعلى مدى عقود طويلة، قدّمت المملكة الثرية، المليارات من المساعدات لحلفائها وحتى من يسميهم البعض “أعداء الأعداء”، في محاولة لتعزيز مكانتها كقوّة عربية وقائدة للعالم الإسلامي.

لكن في ظل انخفاض أسعار النفط، تعيد المملكة تقييم التحالفات القديمة التي يقول مراقبون سعوديون إنها تبتلع أموالهم مقابل القليل، في وقت تخوض منافسة اقليمية مع إيران وتركيا وقطر.

وقالت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط ياسمين فاروق إن مجموعة كبيرة من الدول والأطراف، من بينها الأردن ولبنان ومصر والسلطة الفلسطينية وباكستان، كانت أكبر المتلقين للمساعدات السعودية على مدى العقد الماضي.

وأضافت الباحثة في “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” أنّ “التأثير الاقتصادي المزدوج لفيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط قد يدفعان السعودية إلى إعادة هيكلة وترشيد مساعداتها”.

وتابعت “تسعى البلاد بالفعل إلى إنهاء مفهوم كونها ماكينة صراف آلي”.

انتهى الحفل

قدّمت المملكة المليارات في سبيل إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكنّها بدت في السنوات الماضية غاضبة جراء فشلها في كبح جماح حزب الله.

وكتب السعودي خالد السليمان في صحيفة “عكاظ” القريبة من السلطات السعودية الشهر الماضي “السعودية لن تستمر في دفع فواتير حزب الله، وعلى اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه بلادهم”.

وأضاف الكاتب “لم يعد ممكنا أن تستمر السعودية في دفع المليارات للبنان صباحا وتلقى الشتائم على شاشاته ليلا، هذا الوضع لم يعد يتناسب مع المرحلة الجديدة للسياسة الخارجية السعودية، فالمال السعودي لا يهبط من السماء ولا ينبت في الصحراء”.

وتبدو السعودية كذلك محبطة من باكستان بعدما دفعتها حليفتها القديمة لاتخاذ موقف حازم بشأن منطقة كشمير المتنازع عليها، وهدّدت بنقل القضية إلى منظمات إسلامية أخرى.

ويثير هذا التهديد قلق السعودية التي تضم أقدس المواقع الإسلامية وتعتبر نفسها قائدة للعالم الإسلامي.

وقال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس إن المملكة استرجعت مؤخّرا مبلغ مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار من باكستان التي تعاني من ضائقة مالية، ولم يتم تجديد تسهيل ائتماني نفطي منتهي الصلاحية لإسلام أباد بمليارات الدولارات.

وكتب علي الشهابي وهو كاتب ومحلل سعودي على حسابه في تويتر “لدى النخب الباكستانية عادة سيئة في اعتبار الدعم السعودي كأمر مسلم به بالنظر إلى ما قدّمته السعودية لباكستان على مدى عقود”.

وأضاف “انتهى الحفل وتحتاج باكستان لمنح قيمة لهذه العلاقة، لم تعد وجبة غداء مجانية أو مجرد شارع باتجاه واحد”.

خذوا أموالهم

ورفضت باكستان و مصر في السابق طلب الرياض إرسال قوات برية لدعم حملتها العسكرية في اليمن ضد الحوثيين.

و مما زاد من إثارة القلق في الرياض تسجيل صوتي تم تسريبه عام 2015 أظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسخر من القوى الخليجية بما في ذلك المملكة السعودية، قائلاً إنهم ينفقون الأموال “مثل الأرز”.

وتردّد صدى هذا الشعور في 2018 مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما عرض مخططا في المكتب البيضاوي لمعدات عسكرية بقيمة مليارات الدولارات اشترتها الرياض.

وقال ترامب لشبكة “أن بي سي نيوز” في العام التالي “خذوا أموالهم”.

ومع تحوّل الكثير من العلاقات إلى ما يشبه المعاملات المالية، تكافح الرياض لكسب الاحترام الذي تقول إنها تستحقّه بينما يتعرّض دورها الرائد في العالم الإسلامي لتحديات متزايدة من قبل منافسيها الاقليميين.

وقالت مضاوي الرشيد وهي أكاديمية سعودية تتخذ من لندن مقرّا “السعودية لم تعد ينظر إليها (…) كمركز للتضامن العربي أو الإسلامي”.

..رأي اليوم..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.