كشمير.. مقبرة المظلومين
هي بحق جنة الله على الأرض، كما يصفها الباكستانيون و الهنود على حد سواء، لكنها مظلومة منذ أكثر من سبعة عقود و شعبها يعاني الأمرين على يد الحكومات الهندية المتواترة منذ استقلال شبه القارة الهندية عن التاج البريطاني عام 1947 للميلاد و انقسامها لدولتين، باكسان و الهند.
على الرغم من القرارات الأممية المُتعددة الداعية لمنح الكشميريين حق تقرير المصير، إلا أن هذه القرارات لم تمنح الكشميريين حريتهم . فالهند تتخذ من القضية موقفاً مُتصلباً مُعارضاً للقرارات الأممية والدعوات الأمريكية والأوربية المُتكررة للإلتزام بمُقررات الأمم المُتحدة .
من جهتها باكستان، مُلتزمة بضرورة عمل استفتاء شعبي في شطري كشمير، التابع لها و المحتل من قبل الهند، حتى يقرر الكشميريون ما يريدونه بأنفسهم. وهذا ما أكد عليه رئيس الوزراء الباكستاني السيد عمران خان، من على منبر الأمم المُتحدة في نيويورك مؤخراً خلال زيارته للولايات المُتحدة الأمريكية .
قد تكون قضية كشمير مُعقدة بعض الشيء بسبب موقعها الجغراسي الإستراتيجي، فمساحة الإقليم الكُلية حوالي 222.236 كيلومترا مربعا، و تسيطر الهند على حوالي 48 بالمئة منه، فيما يَخضع نحو 35 بالمئة منه إلى سيطرة باكستان، أما الصين فتسيطر على 17 بالمئة. غير أن ما يُعقدها أكثر هو سياسات الحكومات الهندية المُتعاقبة، التي تصر على ضرب المواثيق والقوانين الدولية بعرض الحائط .
بحسب مُنظمات حقوقية قتل أكثر من 100 ألف كشميري، منذ عام 1989، فضلاً عن اغتصاب أكثر من 10 آلاف امرأة، بينما قتل 7000 شخص في ظل حكم السلطات الهندية.
و دعت باكستان مراراً إلى فتح تحقيق حول الأوضاع في كشمير الهندية. فقد اتهم رئيس الدبلوماسية الباكستانية السيد محمود قريشي نيودلهي بتحويل المنطقة إلى “أكبر سجن في العالم”، محذرا من حدوث “إبادة”.
لكن بنفس الوقت تحرص إسلام آباد على ترك الباب مفتوحاً أمام نيودلهي لحوار جدي، لإقتناع دوائر القرار في إسلام آباد أن الحل سياسي.
فقد أقدمت باكستان مطلع العام الجاري على تسليم الهند 282 سجينًا بينهم 227 صيادًا كانوا يقبعون في السجون.
لكن بحسب خبراء دوليين، فقد شهد عام 2019 تطورات بين الهند وباكستان جعلته واحدا من أسوأ الأعوام في العلاقات بين الجارتين النوويتين، ولا يزال ذلك الوضع قائماً ما لم تنثني نيودلهي عن سياساتها العنجهية في المنطقة المُطابقة لسياسات تل أبيب في الشرق الأوسط .
هذا ويرى مراقبون في نيودلهي، أن زيادة العنف في الإقليم سيجلب للبلاد (الهند) تبعات سيصعب على الحكومة الحالية مُعالجتها، سيما بوجود مُعارضة قوية لمودي في البلاد .
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة الأناضول عن “وجاهت حبيب الله”، الكاتب والمسؤول السابق في جامو وكشمير، إنه كان يتوجب على الحكومة الهندية إتباع مسار ديمقراطي وأكثر سلمية في معالجة الأمور في الإقليم.
وأضاف حبيب الله، الذي عمل أيضا في السفارة الهندية لدى الولايات المتحدة الأمريكية: “ما كان يجب أن تقدم الحكومة مشروع القانون للبرلمان بكل هذه السرية، الحكومة نجحت بخلق شعور بالخيانة بين فئة من شعبنا وزرعت واجسا في قلب محبي الخير لإقليم كشمير”.
في الخلاصة، تحولت كشمير التي كانت تُعرف بــ”جنة الأرض” إلى مقبرة كبيرة لشعب مظلوم ، يحلم أن يعيش أبناءه على تراب هذه الأرض وينعموا بحق أقرته المواثيق السماوية و الوضعية على مدار قرون من الآن ، وهو حق تقرير المصير .
فيصل رمضان.. كاتب و محلل سياسي.