لعبة الكراسي الباكستانية .. والصراع على السُلطة

0 122

ما تزال الأحداث المأساوية التي وقعت في التاسع من مايو/ أيار الجاري في باكستان هي الشغل الشاغل لوسائل الإعلام الباكستانية والمُهتمين بالشأن العام لما يعتبره كثيرون أنها كانت بمثابة نقطة تحول، فمن غير المسبوق في هذا البلد المعروف بمحبة ابناء شعبه لقوى الجيش الوطني أن يتم الهجوم على المنشآت العسكرية من قبل أبناء الشعب نفسه لأي سبب كان .

لذا كان محل إستهجان واسع ما قام به انصار حركة الإنصاف الباكستانية عندما قاموا بالهجوم على مراكز المؤسسة العسكرية في مختلف مناطق باكستان . وما زاد الطين بلة، التصريحات النارية لرئيس الوزراء السابق السيد عمران خان الذي تجاوز خط اللاعودة عندما هاجم قائد الجيش الباكستاني بشكل مُباشر .

من جهتها لم تتردد القيادة العسكرية في البلاد بإعتبار ما جرى مؤامرة ضد أمن وإستقرار البلاد وشرعت على الفور بإلقاء القبض على المئات من  قادة وأنصار حركة الإنصاف  في حملة قمع، كما يصفها البعض  في جميع أنحاء البلاد.

باكستان إلى مزيد من الفوضى، والقيادات السياسية في البلاد عاجزة عن تقديم الحلول وغارقة في الصراع فيما بينها على السلطة.

ولعبة الكراسي في باكستان أنهكت الشعب الذي أصبح لديه فائض مَلَل نتيجة ما تعيشه  البلاد من تكرار دائم لسيناريو التصارُع الوحشي على السُلطة .

لم يعد هناك من يأبه باللقاءات والاجتماعات والتصريحات لأن النتيجة أصبحت شبه مؤكدة وهي الاتفاق على عدم الاتفاق .

يخشى مُراقبون من أن تفوِّت باكستان فرصة ما تعيشه المنطقة من إنفراجات ومُصالحات بإنشغالها بلُعبة الكراسي في الداخل من جهة، و لعدم إستعدادها السياسي للإستفادة من الأجواء الإيجابية في المنطقة ، لأن الإستقرار السياسي ضرورة بالنسبة لباكستان إذا ما كانت هناك إرادة جدية لدى مُختلف الأطراف المُتصارعة على السُلطة  في باكستان من مدنيين وعسكريين  لإخراج باكستان من مُستنقع المشاكل الغارقة فيه إسلام آباد .

فالوضع الاقتصادي في باكستان مدعاة للقلق، ومحط نظر الكثير من الاقتصاديين والمراقبين، فعلى الرغم من وجود ناتج محلي إجمالي يبلغ 375 مليار دولار -أكثر من فنلندا ونيوزيلندا- فقد تسبب عدد السكان الكبير بالبلاد ، والسياسات الخاطئة لمختلف الحكومات في أن يكون دخل الفرد في هذا البلد من أدنى المعدلات في المنطقة، فضلاً عن نسبة البطالة المرتفعة ومستويات الفقر في المُتزاديدة.

وفي الأسواق يتواصل غلاء الأسعار في ظل امتناع البنوك عن تدبير النقد الأجنبي للمستوردين. ووفقًا للبنك المركزي في إسلام آباد، تتراكم حاويات الشحن المليئة بالواردات في الموانئ مع عدم قدرة المشترين على تأمين الدولارات لدفع ثمنه .

يحذر الخبراء من أن الوضع الاقتصادي في البلاد أصبح يتعذر تحمله، ومعرض لخطر أن تكون باكستان سائرة على نهج سريلانكا، حيث أدى نقص الاحتياطيات من العملات الأجنبية إلى نقص حاد في السلع الأساسية وأدى في النهاية إلى تعثر في سداد الديون في مايو/ أيار.

في الخلاصة، تتنقل باكستان من أزمة إلى أخرى منذ أكثر من عام، إذ ما انتهت أزمتها السياسية التي قضت على فترة رئيس الوزراء عمران خان، حتى تعرضت لكارثة الفيضانات ثم تلتها كارثة انهيار العملة. ويتعرض الاقتصاد الباكستاني حالياً لخطر الانهيار وسط صعوبات سياسية مستفحلة، واستمرار لُعبة الكراسي الباكستانية.

 

سلمان علي

اسلام اباد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.