عمران خان في السعودية.. اليمن بوابة الحل لأزمة المنطقة

0 1٬387
يصل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان اليوم إلى السعودية ضمن جهوده المعلنة لحل أزمة المنطقة، وسواء كان سقف المساعي الباكستانية منع اندلاع حرب سعودية إيرانية في الوقت الراهن أو العمل ضمن رؤية موسعة لتحقيق تسوية شاملة، فإن اليمن يبرز كمفتاح للحل وأولوية على ما سواه من ملفات المنطقة.
الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد لأكثر من مرة بأن إيقاف الحرب على اليمن هو المدخل الحقيقي لتقارب سعودي إيراني وبالتالي لحلحلة بقية الملفات، ولهذه التصريحات دلالتان مهمتان:
الأولى، أنها تعكس حقيقة التقدم المتسارع في العلاقات الرسمية الإيرانية – اليمنية، ما يجعل طهران متمسكة برفع المعاناة عن الشعب اليمني كأولوية حتى على خلافاتها مع الرياض والممتدة إلى عقود، وهذا موقف أخلاقي يحسب لها كحليف قوي ووحيد لصنعاء، وما يؤكد صحة تطور العلاقات الرسمية أن تصلّب حكومة روحاني تجاه ملف اليمن لم يكن موجودا مع بداية العدوان وبالتحديد عامي 2015م-2016م وهي فترة التوقيع على الاتفاق النووي وسريان العمل به.
أما الدلالة الثانية، فتعكس رغبة سعودية للبدء أولا بإخراجها من مأزق اليمن، ولا يُستبعد أن الرياض قد طلبت من عمران خان إبلاغ القيادة الإيرانية بأن عليها مناقشة الملف اليمني قبل أي ملف آخر، وحقيقة ذلك أن السعودية رغم تورطها في كثير من الملفات ترى أن حرب اليمن قد كلّفتها فاتورة باهظة الثمن عسكريا وسياسيا واقتصاديا وعلى المستوى الداخلي وحتى أخلاقيا على مستوى السمعة الدولية، وتسعى – على الأقل من جهة الملك سلمان – لخفض تلك التكاليف، وإيقاف تداعيات الفشل عند هذا الحد.
من الواضح من خلال التحركات الدبلوماسية وجود نتائج إيجابية، وهذا ما يمنع تنفيذ عملية مماثلة لضربة أرامكو ويوسّع المدة الزمنية للمبادرة التي أطلقها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، ما يعطي الوساطة الباكستانية مزيدا من فرص النجاح، لكن ثمة نقطة مرور إجبارية لتحقيق النجاح المنشود وهي العاصمة صنعاء، وسبق أن كرر الرئيس روحاني أن بلاده ستدعم مسار وقف الحرب على اليمن لكن على السعودية أن تتحاور مع اليمنيين في ذلك باعتبارهم أصحاب القرار، وفي هذا الإطار لا نستبعد أن يكون السيد عمران خان أو المسؤولين الباكستانيين قد التقوا بوفد صنعاء المفاوض برئاسة محمد عبدالسلام، وقد نشهد لقاءات علنية مستقبلا.
إضافة إلى الوساطة الباكستانية توجد مساعٍ غربية لإيجاد تهدئة سعودية – يمنية، وقد برزت من خلال لقاءات جمعت السيد محمد عبدالسلام بسفيري بريطاني وفرنسا في مسقط، ورغم تبدّل القناعات الغربية تجاه ملف اليمن إلا أن حكومة صنعاء كما يبدو تفضّل الوساطة الباكستانية على الغربية لاعتبارات عدة أهمها، أن إسلام أباد تبذل جهودا منذ ما يقارب العام في سبيل إيقاف حرب اليمن، ودخول عمران خان على خط المفاوضات وتوسيعها لتشمل إيران يعد تتويجا لتلك الجهود، ثم إن باكستان كدولة لها علاقات إيجابية مع العاصمتين (الرياض وصنعاء)، ولا يوجد لديها أي مطامع في اليمن كما هو حال بريطانيا أو فرنسا اللتان إن اتجهتا بجدية للوصول إلى تسوية سياسية فستعملان تحت سقف تلك المطامع.
كما هو معلوم فإن الإفراط في التفاؤل بانفراجة قريبة يتنافى مع المنطق، إذ لا تخلو أيّ جهود نحو السلام من عقبات وتعقيدات، وأبرز العراقيل التي تقف بوجه المساعي الباكستانية لخّصَهَا السفير اليمني المعين حديثا في طهران إبراهيم الديلمي خلال لقاء تلفزيوني مساء الإثنين مع قناة المنار، حيث لفت إلى أن الإمارات تمارس دورا تخريبيا لإعاقة أي تسوية سياسية بين صنعاء والرياض، وينعكس ذلك من خلال استمرار الطيران الإماراتي بقصف المحافظات اليمنية، ثم من خلال التصعيد الميداني الذي بدأته في محافظة الضالع الجنوبية لكنه انحسر بفعل العمليات المعاكسة للجيش اليمني واللجان الشعبية، وكذلك التحركات المشبوهة في الساحل الغربي.
وأضاف السفير الديلمي أن العقبة الأخرى تتمثل في واشنطن التي لا ترغب في حلحلة ملفات المنطقة إلا وفق رؤيتها، وقد اعتبر أن القرار الأمريكي بإرسال آلاف الجنود بعتاد عسكري متطور إلى السعودية يأتي في سياق منع أي تقارب إيراني سعودي، وهذا ما يحتم على الرياض اتخاذ قرار جريئ في دعم جهود السلام بدلا من الخضوع لواشنطن والعودة إلى مربع الصفر.
مما يلفت أن الرئيس الإيراني وخلال مؤتمر صحفي أمس الإثنين قال إن العلاقة مع الإمارات في تحسن مستمر، وإن مسؤولين من البلدين تبادلا الزيارات، وإذا ما أسقطنا هذه التصريحات على المعلومات التي تؤكد المساعي الإماراتية لإفشال الجهود الباكستانية بشأن اليمن فإننا أمام حقيقة أن التقارب الإيراني الإماراتي لم ينعكس بعد على الملف اليمني بعكس التسريبات السابقة التي روّجت لذلك، وهذا قد يكون السبب وراء التهديدات الصريحة التي سمعناها مؤخرا من متحدث القوات المسلحة اليمنية عن وجود عشرات المنشئات الإماراتية في قائمة أهداف القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير، ما يجعلنا بانتظار ضربة عسكرية قوية يجري التحضير لها إذا لم تُثبت أبوظبي جديةَ ما أعلنتهُ سابقا عن الانسحاب من اليمن.

بندر الهتار، كاتب وإعلامي يمني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.