مايزال قرار الإدارة الأمريكية بتجميد المساعدات الأمنية لباكستان مادة حاضرة في النقاشات الداخلية وعلى وسائل الإعلام المحلية والأجنبية على مختلف الأصعدة . غير أن ما يُعنى به الخبراء الإقتصاديون هو مدى جدوائية وصوابية هذا السلوك الأمريكي ، بمعنى هل يتأثر إقتصاد باكستان بقرار الرئيس ترامب ؟
يرى خبراء في إسلام آباد أن قرار الإدارة الجديدة في البيت الأبيض القاضي بتجميد المساعدات الأمنية لباكستان لن يؤثر على اقتصادها في ظل تحالفها مع الصين وتراجع قيمة هذه المساعدات بالأساس، في حين أن ما تعوّل عليه إسلام أباد بصورة خاصة هو دعم واشنطن لها لدى المؤسسات المالية الدولية الكبرى.
فباكستان وللتذكير الدولة السادسة في العالم من حيث التعداد السكاني وتحتل المرتبة الـ40 عالميًا على مستوى الاقتصاد بالتالي هي ليست من الدول الأقل تقدمًا،كما يتخيل البعض.
هذا ويقدر إجمالي الناتج المحلي الباكستاني بـ300 مليار دولار، وبحسب أرقام منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، فقد حصلت باكستان خلال 2016 على حوالي 1,8 مليار دولار من المساعدات الإنمائية، بزيادة 300 مليون عن المساعدات المقدمة للهند، غير أنه نصف ما حصلت عليه أفغانستان المجاورة رغم أن عدد سكانها أقل بست مرات من عدد سكان باكستان.
في الوقت الحاضر في إسلام أباد،يتم التقليل من خطورة التهديدات الأمريكية حيث قال وزير المالية السابق حفيظ باشا إنه في حين كانت الولايات المتحدة تمنح باكستان بين 2001 و2010 مساعدات عسكرية بقيمة “ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار في السنة”، فإن هذا المبلغ “تراجع بشكل حاد” لاحقًا ليصل إلى 750 مليون دولار عام 2016.
ورأى أن “الخفض الجديد لن يحدث الكثير من الفرق بالنسبة إلى إجمالي الناتج الداخلي”، مبديًا في المقابل مخاوف من تأثيرات “غير مباشرة” محتملة.
في نفس السياق ، أوضح الخبير الاقتصادي في البنك الدولي محمد وحيد أنه في حين أن الاقتصاد الباكستاني “مستقر” ويسجل نموًا متواصلًا مع تضخم تحت السيطرة، ودين “يسهل ضبطه”، غير أنه يعاني في المقابل من مشكلة هيكلية كبرى هي العجز في الميزان التجاري.
وأشار إلى أنه “بالرغم من النمو، فإن باكستان تصدّر أقل بكثير مما تستورد، ولا سيما النفط”، وهو ما يطرح مشكلات سيولة.
وبالتالي، فإن احتياطيها من العملات الأجنبية الذي يسمح لها بشراء المنتجات المستوردة يسجل تراجعًا حادًا، ما يُرغم البلاد على الاقتراض لمواصلة نموها.
إلا أن هذا البلد يحصل على التمويل أيضًا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي، وهي مؤسسات تحتل فيها واشنطن موقعًا مهيمنًا.
وقال المحلل الباكستاني رحيم الله يوسف زاي، إن باكستان تواجه “تهديدًا غير مباشر” في حال طلبت قرضًا دوليًا جديدًا، بفعل “موارد الولايات المتحدة ونفوذها”.
فباكستان بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة حين تتعامل مع الهيئات المالية الدولية”.
تجدر الإشارة ، بأن صندوق النقد الدولي فرض على إسلام أباد عام 1998 غرامة بقيمة 20 مليون دولار إثر تجميد القروض لها بعد تجاربها النووية، وبعد بضعة أسابيع على اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، أفرج صندوق النقد الدولي عن 135 مليون دولار لصالح باكستان التي تحوّلت إلى حليف أساسي لواشنطن في حرب أفغانستان.
من جهته، قال السيناتور مشاهد حسين سيد إنه “في حال عمدت الولايات المتحدة إلى ترهيبنا وتحميلنا المسؤولية وتهديدنا، عندها لدينا خيارات أخرى”، ملمحًا بذلك إلى الصين أقرب حلفاء باكستان.
وقدّمت الصين دعمها لإسلام أباد إزاء اتهامات واشنطن، وقرّرت استثمار حوالي ستين مليار دولار في البنى التحتية في باكستان، وإن لم تتوفر في الوقت الحاضر ضمانات بشأن استعدادها للمضي أبعد من ذلك.